ربنا موجود

أنت يارب موجود ، يحس الضعفاء وجودك فيتعزون ، وإن تذكر الأقوياء وجودك يرتعشون . لذلك فعبارة ( ربنا موجود ) تبهج وترعب ، تعزى وتكدر .

ولكن على الرغم من وجودك ، فان كثيرين لا يحسونه ، وهكذا صاح سليمان الحكيم قائلاً : ( ثم رجعت ورأيت كل المظالم التى تجرى تحت الشمس . فهوذا دموع المظلومين ولا معز لهم ... ) ( جا 1:4) فلماذا يارب تنظر وتصمت !

أرنا يارب رحمتك . اثبت وجودك . لماذا يعيروننا قائلين : (أين الرب الهكم ! ) لماذا تنتظر حتى الهزيع الأخير من الليل , والتلاميذ مضطربون فى السفينة ، والأمواج شديدة ! نعم ، لماذا تنتظر ، بينما يقول الكتاب انك تأتى ولا تبطئ !

أسرع يارب أسرع . لقد شكا داود من هذا الابطاء ، فقال : ( اللهم التفت الى معونتى ، يارب أسرع وأعنى . أنت معينى ومخلصى يارب فلا تبطئ ) (مز69) نحن نعلم أن رحمتك ستأتى ، وأنه ليس لنا أن نعرف الأزمنة والأوقات التى جعلتها فى سلطانك وحدك . لذلك سننتظر كل وقت ، كما قال المرتل ( انتظرت نفسى الرب من محرس الصبح الى الليل ) ...

ها نحن يارب ننتظر ، مؤمنين أنك موجود ، وأنك لابد ستعمل بقوة ، وبحكمة ، وفى الوقت المناسب الذى تحدده رأفاتك غير المحدودة .... ما أجمل قول ربنا يسوع : ( أبى يعمل حتى الآن ، وأنا ايضاً أعمل ) ... فأعمل يارب اذن ، اعمل من أجل محبتك للعدل والصلاح . واعمل من أجل ان يطمئن الناس ، فيسلموا حياتهم فى يديك ، ويتأملوا عملك وهم صامتون ، او يتأملون عملك وهم بنشدون تلك الأغنية الجميلة ( الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون ) .


بل وهم يتأملون عملك ، فيتغنون وهم مطمنئون (( ربنا موجود )) ، نعم حقاً ((ربنا موجود )) ...


المصدر: كتاب إنطلاق الروح لقداسة البابا شنودة الثالث